القاهرة - مي الشافعي
ارتبطت أشياء كثيرة بحدث الوصول الى القمر في ذهن العالِم المصري الدكتور محمد النشائي وخياله، عضو «معهد بحوث الفضاء» الذي أسّسه العالِم الألماني هيرمان أوبرس الذي يعتبر أستاذ العالِم الألماني فيرنار فون براون عالِم الصواريخ الذي أسّس برنامجاً في استكشاف الفضاء وصل الى ذروته بهبوط نيل أرمسترونغ على سطح القمر. والمعلوم أن النشائي يثير جدالاً علمياً واسعاً بنظريته الخاصة حول توحيد القوة الأساسية في الكون، التي يصفها البعض بأنها «ثورة علمية».
وفي حديث مع «الحياة»، عاد النشائي إلى طفولته مؤكداً أهمية التأمل. وأشار إلى أن السماء بما فيها من نجوم وقمر وكواكب كانت محل تأمله كطفل. وقال: «التأمل يخلق أحلاماً ويطرح تساؤلات. ويعتبر البذرة الأولى للشغف بالعلِم وحبه، وتالياً الاندفاع نحو اكتشاف أسرار الكون الذي مهما فعلنا لن نفك إلا قشيرات صغيرة على سطحه». وأضاف: «إن الصعود الى القمر علّمنا أن الأحلام يمكن أن تتحقق ولكن بالعلم. وعندما يهمل الإنسان العلم لن يصل الى القمر ولا حتى الى الأرض. ولحظة نزول أرمسترونغ فوق سطح القمر كانت لحظة مهمة رأيت فيها حلماً يتحقق. كان عمري وقتها حوالى 16 سنة. ولكني كنت أحلم أيضاً أن يكون العلَم الذي غرس على سطح القمر مصرياً أو عربياً. وأنا أعتبر أن هذه الحقبة مهمة جداً في حياتي. إذ جعلتني تجربة الوصول الى القمر أهتم بدراسة هندسة الطيران بعد دراسة الهندسة الإنشائية في بداية مشواري علمياً. وأجريت بحوثاً في ذلك المجال. وأُذكّر بأن الدكتور صالح العدل وزير البحث العلمي السعودي، له بحوث متنوّعة نُشِرَت في «مجلة الطيران والصواريخ الأميركية»... ثم بدأت أهتم بالطبيعة والفيزياء النظرية ودراسة نظرية الكم («كوانتوم» Quantum) ونظرية أينشاتين في النسبية، ودراسة الطاقة في الكون وغيرها».
وذكّر النشائي بتاريخ إنشاء برنامج الفضاء الأميركي الذي أسّس له العالِم الألماني المشهور فون براون. والمعلوم أن براون كان مولعاً في طفولته بالصواريخ، وأصبح مهندساً في عالم الطيران. واستغله الجيش النازي في ألمانيا في بدء برنامج الصواريخ إبان الحرب العالمية الثانية. وعندما استولى الأميركيون على قاعدة بحر الشمال التي كانت تطلق منها الصواريخ على لندن، اهتموا بالعلماء الألمان وعاملوهم أفضل معاملة. وبدأ فون براون يؤسس للبرنامج الأميركي الذي نافس برنامجاً مماثلاً وضعه الروس واستهلوا إنجازاته بإطلاق القمر الاصطناعي الأول «سبوتنيك». وسجّل القمر الاصطناعي السوفياتي، حينها، سبقاً في الدوران فضائياً حول الأرض. وأزعج هذا الأمر الأميركيين. وتمثّل ردّهم عليه في كلمة الرئيس جون كينيدي، الفائز في انتخابات الرئاسة الأميركية للتو وقتها، التي قال فيها: «أميركا سترسل رجلاً الى القمر في ظرف عشر سنوات». وقد حدث ذلك فعلياً.
وتحدث النشائي عن المستقبل قائلاً: «إن القمر الآن أصبح في متناول اليد. إذ فتح الصعود إليه الباب للتفكير في بناء قواعد عليه نأمل بألا تكون حربية. وكذلك فتح آفاقاً لا حد لها لمعرفة الكواكب الأخرى كالمريخ، والذهاب إلى أبعد من مجرتنا بكثير والتساؤل حول وجود حياة على الكواكب الأخرى. إن الهند الآن لديها قمر اصطناعي يدور حول القمر ويصوره من كل زاوية، وهناك دول كثيرة بدأت تدخل في هذا المجال، ولكني لا أستطيع تجاهل السؤال حولنا نحن. إلى ماذا وصلنا في عالمنا العربي؟
إن الحديث عن القمر الآن يشعرني ببعض خيبة الأمل. فعندما كنت صغيراً كنت أتصور أن الوصول إلى القمر معناه إنسان كامل الأخلاق والعقل. ولكن بعد كل هذه السنين وهذه الإنجازات العلمية لم تتغير كثيراً أخلاق الإنسان ولم ترتبط الأخلاق بالعلم، والحلم الحقيقي هو أن يصبح الإنسان «إنساناً» قبل أن يصعد إلى القمر أو يذهب إلى المريخ. العلم شيء رائع وجميل ولكنه من دون الأخلاق والدين ليس جيداً».
واختتم النشائي حديثه بالقول: «الآن أصبحت أخبار القمر شيئاً عادياً. ونتعلم في كل لحظة أن الأحلام تتحقق وأن الخيال يتحقق. ولكن في الوقت نفسه لا بد أن نعرف أننا شيء بسيط جداً في الطبيعة، وأن نتوقف عن الغرور وأن نخشع للخالق. آمل بأن تتاح الفرصة للجميع للذهاب الى القمر ورؤية الأرض لنعرف حجمنا الضئيل في الكون وساعتها قد نتوقف عن الحرب وتدمير الأرض».
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق